أخبار الآن | دمشق – سوريا (سوزان أحمد):

محمد، اسم مستعار  لشاب سوري في مقتبل العمر  فضل عدم الكشف عن اسمه الصريح لخوفه من أن تطاله يد الغدر، فقد كان الانشقاق عن داعش أخطر وأصعب بكثير من الانضمام إليها.

يعود محمد بذاكرته إلى أيامه الأولى في داعش حيث تم إخضاعه لدورة عسكرية وأخرى شرعية، وكان على قناعة تامة أنه في المكان الصحيح؛ فحسن المعاملة والخطاب الديني الحماسي واللحى التقية ولهجة القوة والسيطرة كفيلة بالتغرير بالشباب المتحمس للانعتاق من الظلم.

“بعد الانتهاء من مرحلة التدريب والإعداد، ينتقل الشاب إلى المرحلة الثانية، حيث يصبح مقاتلا في صفوف داعش ويقدم له السلاح ويتم فرزه بأحد الاختصاصات التالية: شرعي أو أمني أو استشهادي أو عسكري؛ ويتم ذلك بعد عدة معسكرات قتالية وشرعية بالإضافة لعدة اختبارات.” يقول محمد.

وفي حديث خاص لأخبار الآن يبوح عبر مكالمة هاتفية بتفاصيل تجربته في صفوف داعش: “تم تعييني كاختصاصي أمني، وهذا يفرض علي الحركة بحذر كبير وأن أبقى في الظل، وتتلخص مهمتي بالعمل على جمع معلومات عن الفصائل العسكرية المقاتلة ضد النظام السوري والغير منضوية تحت لواء داعش ومعلومات عن النظام، إضافة إلى تجنيد أشخاص من الفصائل الأخرى وتكليفهم بتزويدي بمعلومات أمنية عن قياداتهم.

وكحال الكثيرين اعتقد محمد أن داعش تهدف لتحرير سوريا من “طاغية الشام” ولتحكيم شرع الله، ولكن تبين فيما بعد أن لها أهدافا توسعية ومطامع استراتيجية وأنها تعمل وفق مبدأ “من لم يكن معنا فهو ضدنا”.

ويضيف محمد عن أسلوب الغدر الذي تنتهجه داعش “ليس لهم أمانة، فما أزال أذكر كيف قام أمير داعشي باستدراج قائد أحد الفصائل المقاتلة إلى مكتبه ليتم اعتقاله، وإلى الآن لا يعلم أحد شيئا عن مصيره.”

ويتابع حديثه بلهجة غاضبة “داعش لا تكترث إلا بمصالحها وأطماعها، فقد استولت على آليات المجلس المحلي المخصصة لخدمة المنطقة وسرقت كابلات الكهرباء واستعملها عناصرها لأهداف شخصية، والذريعة دائما أن هذه الأشياء ملك دولة كافرة.”

لا شيء أسهل من التكفير في داعش، فكل من يخالفها أو يقف ضدها، كافر مرتد يجب قتله؛ وتقنع رجالها بأنها ضحية مؤامرة كونية لذلك تقوم بتصفية أي عنصر يحاول ترك صفوفها أو الانشقاق عنها.

“تحرص داعش على ملاحقة الإعلاميين الذين ينتقدون ممارساتها وفضح أعمالها وتهددهم بالقتل تحت تهمة الكفر والردة، ولا تتوانى عن تعذيبهم وإهانتهم ولا ينجون من الموت إلا بإعلان ولائهم للتنظيم واعترافهم بأنهم قد أخطأوا، تماما كما حصل مع أعضاء تنسيقية المنطقة.” يضيف محمد.

من جهة أخرى، يرى عناصر داعش أنفسهم أعلى شأنا من الأشخاص الغير منتمين لها، فهم يتعاملون بفوقية مع الآخرين “وينظرون باستعلاء للمدنين”، كما أنهم معتادون على التطاول على الضعفاء والعاملين في المجال الطبي والإغاثي إن لم يكونوا تابعين لفصيل عسكري قوي؛ وكثيرا ما تسمعهم يقولون “منزل دولة، حارة دولة، عنصر دولة،…” للدلالة على أهمية المكان لتواجد أحد عناصرهم فيه.

ويختم محمد حديثه بالقول: “أناشد الشباب الذين كانوا معي وما يزالون يقاتلون في صفوف داعش أن يرحموا الشعب السوري وأن يتوبوا إلى الله، وأن يعملوا لآخرتهم ولا يكون جلّ همهم إرهاب الناس وإقامة الحد عليهم.”